Telegram Group Search
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي كِتَابِهِ «مَدَارِجِ السَّالِكِينَ»:

«أَدَبُ المَرْءِ عُنْوَانُ سَعَادَتِهِ وَفَلَاحِهِ، وَقِلَّةُ أَدَبِهِ عُنْوَانُ شَقَاوَتِهِ وَبَوَارِهِ، فَمَا اسْتُجْلِبَ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمِثْلِ الْأَدَبِ، وَلَا اسْتُجْلِبَ حِرْمَانُهُمَا بِمِثْلِ قِلَّةِ الْأَدَبِ».
قِيلَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: قَدِ اسْتَنْبَطْتَ مِنَ الْقُرْآنِ كُلَّ شَيْءٍ، فَأَيْنَ المُرُوءَةُ فِيهِ؟،
فَقَالَ: «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرُ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾، فَفِيهِ المُرُوءَةُ، وَحُسْنُ الْأَدَبِ،
وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ».
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم الى الله أقرب.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتَّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ».


قَالَ الرَّاغِبُ الأَصْفَهَانِيُّ: «لَيْسَ إِعْدَاءُ الجَلِيسِ لِجَلِيسِهِ بِمَقَالِهِ
وَفِعَالِهِ فَقَطْ؛ بَلْ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ».

وَإِنَّمَا يُخْتَارُ لِلصُّحْبَةِ مَنْ يُعَاشِرُ لِلْفَضِيلَةِ لَا لِلْمَنْفَعَةِ وَلَا لِلذَّةِ؛ فَإِنَّ عَقْدَ المُعَاشَرَةِ يُبْرَمُ عَلَى هَذِهِ المَطَالِبِ الثَّلَاثَةِ: الفَضِيلَةِ، وَالمَنْفَعَةِ، وَاللَّذَّةِ.

خلاصة تعظيم العلم
لا أدري كيف أوصل الفكرة.. لكن

بمعرفتي القليلة جدا عنه سبحانه، وبعقلي القاصر الذي لا ولن يحيط عظم وسعة رحمة ربنا سبحانه وتعالى..
أنا الجاهلة التي لم تبلغ ما بلغه العلماء من معرفة ربهم، ولم تقرأ وتتوسع في البحث في أسمائه وصفاته وتلقط الفوائد من هنا وهناك كما وصل إليه بعض أهل العلم رحمهم الله..

بمعرفتي الضئيلة هذه وتصوري القاصر جدا!
لا أحسب أن ربا له من صفات الكمال ما استقر في نفسي، وله من الرحمة ما علِمتُ عنه سبحانه، لا يغفر سبحانه!

فكيف به وهو على ما هو عليه سبحانه من رحمة لا تسعها عقولنا التي مهما اتسعت لن تستوعب ولن تتصور أكثر من جزء واحد من تسع وتسعين جزءً من رحمته!

كيف نظن به ظن السوء ولا نستيقن بأنه غفر لنا لأنه الرحيم الغفور الودود الذي يبتدئُنا بالنعم والعطايا قبل استحقاقها فكيف ونحن نطلبها!


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم.
#لله_قلمي
وَقَالَ ابْنُ مَانِعٍ فِي «إِرْشَادِ الطُّلَّابِ» - وَهُوَ يُوصِي طَالِبَ العِلم -:

«وَيَحْذَرُ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ مُخَالَطَةِ السُّفَهَاءِ، وَأَهْلِ المُجُونِ وَالوَقَاحَةِ، وَسَيِّئِي السُّمعَةِ، وَالأَغْبِيَاءِ، وَالبُلَدَاءِ؛ فَإِنَّ مُخَالَطَتَهُمْ سَبَبُ الحِرْمَانِ وَشَقَاوَةِ الإِنْسَانِ».
سَمِعْتُ شَيْخَنَا ابْنَ عُثَيْمِينَ يَقُولُ: «حَفِظْنَا قَلِيلًا وَقَرَأْنَا كَثِيرًا؛
فَانْتَفَعْنَا بِمَا حَفِظْنَا أَكْثَرَ مِنِ انْتِفَاعِنَا بِمَا قَرَأْنَا».
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: «ما يزَال البَلاء بِالمُؤمن والمُؤمِنة في نفسه وولده وماله حتَّى يَلقَى الله تعالى وما عليه خَطِيئَة».
[حسن صحيح، رواه الترمذي وأحمد.]
رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ؛ إِنْ
عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ».

قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِهِ «التَّمْهِيدِ» عِنْدَ هَذَا الحَدِيثِ:


«وَإِذَا كَانَ القُرْآنُ المُيَسَّرُ لِلذِّكْرِ كَالأَبِلِ المُعَقَّلَةِ؛ مَنْ تَعَاهَدَهَا
أَمْسَكَهَا؛ فَكَيْفَ بِسَائِرِ العُلُومِ؟!»
قَالَ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ: «كُلُّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا؛ فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ».

وَاسْتَنْبَطَ هَذَا المَعْنَى مِنَ القُرْآنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الْأُدْفُوِيُّ فَقَالَ: «إِذَا تَعَلَّمَ الإِنْسَانُ مِنَ العَالِمِ وَاسْتَفَادَ مِنْهُ الفَوَائِدَ؛ فَهُوَ لَهُ عَبْدٌ،

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَهُ﴾،
وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَلَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مُتَلْمِذًا لَهُ، مُتَّبِعًا لَهُ، فَجَعَلَهُ اللهُ فَتَاهُ لِذَلِكَ».
وَمِمَّا تُنَاسِبُ الإِشَارَةُ إِلَيْهِ هُنَا - بِاخْتِصَارٍ وَجِيزٍ - مَعْرِفَةُ الوَاجِبِ إِزَاءَ زَلَّةِ العَالِمِ، وَهُوَ سِتَّةُ أُمُورٍ:

الأَوَّلُ: التَّثَبُّتُ فِي صُدُورِ الزَّلَّةِ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: التَّثَبُّتُ فِي كَوْنِهَا خَطَأً، وَهَذِهِ وَظِيفَةُ العُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ، فَيُسْأَلُونَ عَنْهَا.

وَالثَّالِثُ: تَرْكُ اتِّبَاعِهِ فِيهَا.

وَالرَّابِعُ: الْتِمَاسُ العُذْرِ لَهُ بِتَأْوِيلِ سَائِغِ.

وَالخَامِسُ: بَذْلُ النُّصْحِ لَهُ بِلُطْفٍ وَسِرٍّ؛ لَا بِعُنْفٍ وَتَشْهِيرٍ.

وَالسَّادِسُ: حِفْظُ جَنَابِهِ؛ فَلَا تُهْدَرُ كَرَامَتُهُ فِي قُلُوبِ المُسْلِمِينَ.
وَإِنَّمَا تُنَالُ لَذَّةُ العِلْمِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ - ذَكَرَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ القَيِّمِ -:

أَحَدُهَا: بَذْلُ الوُسْعِ وَالجَهْدِ.

وَثَانِيهَا: صِدْقُ الطَّلَبِ.

وَثَالِثهَا: صِحَّةُ النِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصُ.
عن أم الدرداء -رضي الله عنها- مرفوعاً: « دعوة المرء المسلم لأخيه بظَهْرِ الغيب مستجابة، عند رأسه مَلَك مُوَكَّلٌ كلما دعا لأخيه بخير قال الملك المُوَكَّلُ به: آمين، ولك بمِثْلٍ».
[رواه مسلم.]
قِيلَ لأَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُورِ - الخَلِيفَةِ العَبَّاسِيِّ المَشْهُورِ، الَّذِي كَانَتْ مَمَالِكُهُ تَمْلَأُ الشَّرْقَ والغَرْبَ -: هَلْ بَقِيَ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا شَيْءٌ لَمْ تَنَلْهُ؟

فَقَالَ - وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَسَرِيرِ مُلْكِهِ -:

«بَقِيَتْ خَصْلَةٌ: أَنْ أَقْعُدَ عَلَى مِصْطَبَةٍ، وَحَوْلِي أَصْحَابُ الحَدِيثِ
- أَيُّ طُلَّابِ العِلْمِ - فَيَقُولُ المُسْتَمْلِي: مَنْ ذَكَرْتَ رَحِمَكَ اللهُ؟».

يَعْنِي فَيَقُولُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، وَيَسُوقُ الأَحَادِيثَ المُسْنَدَةَ.
يذكر المجرّبون أن العمل يكون ميسورًا سهلًا ما دام في ديوان السر، فإذا أعلنه صاحبه عسر عليه وانقطع عنه، ويظهر أن ذلك صحيح في حالات كثيرة ومن أسباب هذا الانقطاع:

- تبدّل النية.
- ⁠حسد من يسمع هذا، فالحسد يزيل النعم، والطاعات الدائمة نعمة وأي نعمة.
- ⁠أن عمل السر أقرب للتوكل، وفي التحدث بالطاعات ما يشي بالاستغناء والفخر فيوكل الإنسان لنفسه.

وصحّ عندي بعد التأمل أن العبد يعاقب على خطراته في الدنيا دون الآخرة.

فمن كانت له طاعات خفية فليصنها عن أعين الخلق وأسماعهم فذلك أعون على دوامها.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي «صَيْدِ خَاطِرِهِ»:

«يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْرِفَ شَرَفَ زَمَانِهِ، وَقَدْرَ وَقْتِهِ، فَلَا يُضَيِّعُ مِنْهُ لَحْظَةً فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ، وَيُقَدِّمُ فِيهِ الأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ مِنَ الْقَوْلِ وَالعَمَلِ».
هل يعود الأجر إذا تاب الإنسان من الرياء؟

ورد في السنة الشريفة ما يدل على أن من عمل صالحا في كفره ، ثم تاب وأسلم : أنه يكتب له بعد التوبة أجر ما أسلف من الصالحات ، كأنه عملها في الإسلام ، وذلك من عظيم كرم الله عز وجل وسعة فضله وجوده وإحسانه ، وإن خالف في ذلك بعض العلماء ، لكن هذا هو الصواب ، فهو ظاهر السنة الصحيحة .

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ )

رواه البخاري (رقم/1436) ومسلم (رقم/123)

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح هذا الحديث :

" من كان له عمل صالح فعمل سيئة أحبطته ثم تاب ؛ فإنه يعود إليه ثواب ما حبط من عمله بالسيئات " انتهى.

" فتح الباري " لابن رجب (1/146)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لو تاب المنافق والمرائي فهل تجب عليه في الباطن الإعادة ، أو تنعطف توبته على ما عمله قبل ذلك فيثاب عليه ، أو لا يعيد ولا يثاب .

أما الإعادة فلا تجب على المنافق قطعا ؛ لأنه قد تاب من المنافقين جماعة عن النفاق على عهد رسول الله ولم يأمر أحدا منهم بالإعادة , وقد قال تعالى :

( وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة )

وأيضا فالمنافق كافر في الباطن ، فإذا آمن فقد غفر له ما قد سلف ، فلا يجب عليه القضاء ، كما لا يجب على الكافر المعلن إذا أسلم .

وأما ثوابه على ما تقدم ، مع التوبة : فيشبه الكافر إذا عمل صالحا في كفره ثم أسلم ، هل يثاب عليه ؟ ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام : أسلمت على ما سلف لك من خير .

وأما المرائي إذا تاب من الرياء ، مع كونه كان يعتقد الوجوب : فهو شبيه بالمسألة التي نتكلم فيها ، وهى مسألة من لم يلتزم أداء الواجب ، وإن لم يكن كافرا في الباطن ، ففي إيجاب القضاء عليه تنفير عظيم عن التوبة " انتهى باختصار.

مجموع الفتاوى (22/20-21)

ويقول أيضا رحمه الله :

" التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته ، وحبوط العمل من موجباته " انتهى.

" شرح العمدة " (1/39)

ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :

" فصل : وإذا استغرقت سيئاته الحديثات حسناته القديمات وأبطلتها ، ثم تاب منها توبة نصوحا خالصة : عادت إليه حسناته ، ولم يكن حكمه حكم المستأنف لها ، بل يقال له : تبت على ما أسلفت من خير ، فإن الحسنات التي فعلها في الإسلام أعظم من الحسنات التي يفعلها الكافر في كفره : من عتاقة وصدقة وصلة ، وقد قال حكيم بن حزام : ( يا رسول الله ! أرأيت عتاقة أعتقتها في الجاهلية ، وصدقة تصدقت بها ، وصلة وصلت بها رحمي ، فهل لي فيها من أجر ؟ فقال : أسلمت على ما أسلفت من خير )

وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة ، وصارت كأنها لم تكن ، فتلاقت الطاعتان واجتمعتا . والله أعلم " انتهى.

" مدارج السالكين " (1/282)

موقع إسلام سؤال وجواب
حدثني يونس قال: ثنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا)

قال: إن الله عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين، ويجعل لهن ثوابًا وعقابًا، ويستأمنهن على الدين

فقلن: لا نحن مسخرات لأمرك، لا نريد ثوابًا ولا عقابًا،

قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
وعرضها الله على آدم، فقال: بين أذني وعاتقي.

قال ابن زيد، فقال الله له: أما إذ تحملت هذا فسأعينك:

أجعل لبصرك حجابًا إذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك، فأرْخ عليه حجابه.
وأجعل للسانك بابًا وغلقًا، فإذا خشيت فأغلق.
وأجعل لفرجك لباسًا، فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك.
الله قديم الإحسان:

‌‏«وروى أبو حفص بن شاهين في مسألة عملها في جواز القول: يا قديم الإحسان، فقال نا محمد بن سليمان الحراني قال نا الحسين بن محمد بن بحر بمصر قال: سمعتُ أبا الفيض ذا النون المصري يقول:
أوحى الله عز وجل إلى يعقوب: يا يعقوب تملَّـقني، قال: يا رب كيف أتملَّقك؟ قال: قل يا قديمَ الإحسان، يا دائمَ المعروف، يا كثيرَ الخير، قال فأوحى الله إليه: لو أمتُّ ابنك لأحييتُه لك» إبطال التأويلات لأبي يعلى (٦٩٥).

‌‏«… ويقول:
(يا قديم الإحسان! يا من إحسانه فوق كل إحسان!
يا مالك الدنيا والآخرة! يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام!
يا من لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه!
انصرنا على أعدائنا هؤلاء وغيرهم
وأظهرنا عليهم في عافيةٍ وسلامةٍ عامةٍ عاجلاً) فكل هذه المذكورات جاء فيها حثٌّ أكيدٌ، وهي مجرَّبة» الأذكار (٣٤٣).

‌‏«… فإنَّه سبحانه دائم المعروف، لا ينقطع معروفه أبدًا، وهو قديم الإحسان، أبديُّ الإحسان، فلم يزل ولا يزال محسنًا على الدوام» حادي الأرواح (٢/ ٧٧٠).

وفي الدعاء به قصة عجيبة لـ لبيب العابد رحمه الله تحسن مراجعتها.
قصة لبيب العابد:

كان في باب الشام رجلٌ يقال له: لبيب العابد، زاهد ناسك صالح، فأخبرني، قال:
كنتُ مملوكاً روميّاً، فمات مولاي، فعتقني، فحصّلت لنفسي رزقاً برسم الرجّالة، وتزوّجت بستّي، زوجة مولاي، وقد علم الله، أنّي لم أتزوجها إلّا لصيانتها، لا لغير ذلك، فأقمت معها مدّة.
ثم إنّي رأيتُ يوما حيّة وهي داخلة إلى جحرها، فأخذتها، فمسكتها بيدي فانثنت عليّ، فنهشت يدي، فشُلَّت، ثم شُلَّت الأخرى بعد مدة، ثم زَمِنت رجلاي، واحدةً بعد أخرى، ثم عميتُ، ثم خرستُ.
فمكثتُ على هذه الحال سنةً، لم تبق فيّ جارحةٌ صحيحةٌ، إلّا سمعي، أسمع به ما أكره! وكنتُ طريحاً على ظهري، لا أقدر على إشارة، ولا إيماء، فأُسقى وأنا ريان، وأُترك وأنا عطشان، وأُطعم وأنا ممتلىء، وأفقد الطعام وأنا جائع، لا أدفع عن نفسي، ولا أقدر على إيماءٍ بما يُفهَم مرادي منه.
فدخلتْ امرأةٌ بعد سنةٍ إلى زوجتي، فسألتها عني، فقالت: كيف لبيب؟ فقالت لها، وأنا أسمع: لا حي فيرجى، ولا ميت فينسى.
فغمَّني ذلك، وبكيت، وضججت إلى الله تعالى في سري.
وكنتُ في جميع ذلك الحال، لا أجد ألماً في شيء من جسمي، فلما كان في ذلك اليوم، ضرب بدني كله ضرباً شديداً لا أُحسن أن أصفه، وألمت ألماً مفرطاً.
فلما كان في الليل، سكن الألم، فنمت، وانتبهت، ويدي على صدري، فعجبتُ من ذلك وكيف صارت يدي على صدري، ولم أزل مفكراً في ذلك، ثم قلت لعل الله قد وهب عافيتي، فحركتها، فإذا هي قد تحركت، ففرحت، وطمعت في العافية!
وقلت: لعل الله أذن بخلاصي، فقبضتُ إحدى رجلي إلي، فانقبضت، وبسطتها، فانبسطت، وفعلت بالأخرى كذلك، فتحركت، فقمت قائماً، لا قَلَبة بي!
ونزلت عن السرير الذي كنت مطروحاً عليه، فخرجت إلى الدار، ورفعتُ طرفي، فرأيتُ الكواكب، وإذا أنا قد أبصرتُ، ثم انطلق لساني، فقلت: (يا قديم الإحسان، لك الحمد).
ثم صحت بزوجتي، فقالت: أبو علي!
فقلت: الساعة صرت أبو علي!
فأسرجت، وطلبت مقراضاً، وكان لي سبال كما يكون للجند فقصصته، فضجَّت من ذلك، وقالت: ما هذا؟
فقلت: بعد هذا لا أخدم غير ربي، فصار هذا سبب عبادتي.

قال أبو الحسن بن الأزرق:
وخبره مستفيض، ومنزلته في العبادة مشهورة، وصارت هذه الكلمة عادته، لا يقول في حشو كلامه، وأكثر أوقاته غيرها: يا قديم الإحسان.
قال: وكان يقال: إنه مجاب الدعوة، وكان الناس يقولون إنه رأى النبي ﷺ، فمسح يده عليه، فسألته عن ذلك، فحدثني بهذا الحديث، وقال: ما كان سبب عافيتي غيره.


الفرح بعد الشدة (٤/ ١٩٥) نشوار المحاضرة (٢/ ٢٨٧)
2025/04/16 02:50:31
Back to Top
HTML Embed Code: